في أجواء احتفالية .. قطر تدشن رابع ملاعب مونديال 2022
وسط أجواء احتفالية مبهرة ، دشنت دولة قطر ملعب “أحمد بن علي” الواقع بمدينة الريان، رابع ملاعب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، لتؤكد للعالم قدرة الدوحة على تنظيم متميز للمونديال الأول الذي يقام في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.
وتقدم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، قائمة الحاضرين في حفل الافتتاح الذي شهد المباراة النهائية لمسابقة كأس الأمير بين السد والعربي، والتي انتهت لمصلحة الأول (2-1) وسط حضور جماهيري وصل إلى 20 ألف مشجع وهو الأكبر عالميا في ظل جائحة (كوفيد-19).
وشهد الحفل أجواء كرنفالية خاصة في ظل تزامنه مع اليوم الوطني للدولة، حيث وأضيئت سماء الملعب بالألعاب النارية ذات الألوان والتصاميم المهرجانية، وسط تعالي صيحات وهتافات الآلاف من عشاق كرة القدم والرياضة الذين ملؤوا 50 % من الملعب في صفوف منظمة وفقا للإجراءات الصحية التي تم فرضها.
وشمل الحفل عدة فقرات مبهرة باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية، حيث حرص منظمو الحفل على إبراز معاني السلام والمحبة بين مختلف الثقافات ودول العالم، فضلا عن استعراض الفرقة العسكرية، واطلاق الألعاب النارية، إلى جانب الاحتفالات التي جرت في الفعاليات المصاحبة.
وحفل الافتتاح هو الثاني لاستاد “أحمد بن علي” مقر نادي الريان، بعد الأول في 16 مايو 2003، في مباراة نهائي كأس الأمير أيضا بين السد والأهلي، والتي انتهت لصالح الأول بنفس النتيجة (2-1)، لكنه هدم في 30 سبتمبر 2014، ثم بدأت أعمال البناء في أول 2016، واستمرت حوالي أربع سنوات تقريبا.
واستاد “أحمد بن علي” أحد أهم ملاعب مونديال قطر 2022 لأن اسمه ارتبط بكل من نادي ومدينة الريان التي تعتبر من أعرق المدن القطرية، وحتى المكان الذي يشيد فيه الاستاد يعتبر من أقدم الأماكن قلب الريان التاريخي، فضلا عن أن واجهته الخارجية تتزين برموز من الثقافة القطرية.
ويروي الاستاد الذي يعد رابع استادات مونديال قطر /2022/ جاهزية من الصفر، قصة شعب قطر وتاريخه من خلال سبعة نقوش تراثية مجتمعة من كل المناطق، لتؤلف واجهة موحدة للإستاد، وقد استمدت هذه النقوش من مراحل التطور والتحول المتعددة للمعمار القطري، وجمعت معا في إطار عصري يجمع تاريخ قطر الغني بحاضرها ومستقبلها.
وتعكس المرافق المحيطة باستاد أحمد بن علي، الذي يتسع لحوالي 40 ألف متفرج، طبيعة الحياة القطرية، حيث تأخذ شكل الكثبان الرملية في إشارة واضحة إلى الطابع الصحراوي الرائع الممتد على جزء مهم من البلاد.
ولعل أهم ما يميز هذا الصرح الرياضي الذي شهد افتتاحه مساء اليوم نهائي كأس الأمير ، هو ارتباطه الوثيق بالثقافة القطرية، إذ يجسد تصميمه أصالة التراث والبيئة بأشكاله الهندسية وزخارفه البديعة التي تعكس ملامح قطر ونمط الحياة فيها، والتي تجتمع في شكل درع يرمز إلى معاني الوحدة والقوة والترابط التي طالما عرف بها أهل قطر.
وتكمن أهمية تصميم الاستاد الشبيه بالكثبان الرملية، والحائز على ثلاث شهادات مرموقة في استدامة التصميم والبناء وإدارة التشييد وكفاءة استهلاك الطاقة، من المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة /جي ساس/، لكونه تحفة معمارية ستغدو معلما يرمز للثقافة والتراث والتقاليد القطرية، بكل ما تحمله من جمال وتجرد، جامعا بين صورة الماضي ووعد المستقبل المشرق.
وسجل استاد أحمد بن علي الذي شهد تدوير المواد الناتجة عن إزالة الاستاد القديم، الحد الأدنى من مخلفات البناء والهدم، وحقق المشروع معدل استفادة من نواتج الحفر بنسبة تجاوزت 90 في المائة، وفقا للنعمة.
ووصل عدد العمال في مشروع الاستاد خلال مراحل البناء والتشييد نحو 8000 عامل، فيما تخطت ساعات العمل ما فوق 50 مليون ساعة عمل، وحقق الاستاد رقمين مهمين في السلامة العمالية من خلال بلوغ 20 مليون ساعة عمل مرتين دون وقع حوادث.
ويتميز مشروع استاد “أحمد بن علي” الذي تصل مساحته الإجمالية نحو 450 ألف متر مربع، باتخاذه تدابير خاصة بكفاءة استخدام الكهرباء والماء من أجل تخفيض البصمة الكربونية للاستاد بدرجة أكبر، خاصة أن المنطقة المحيطة ستضم مسارات للمشي وركوب الدراجات، إلى جانب 150 ألف متر مربع من المساحات الخضراء التي ستحتضن نباتات متوطنة لا تستهلك الكثير من مياه الري وتكون متعة للناظرين.
وأخذت معايير الاستدامة بعين الاعتبار عند تصميم الأجزاء المكونة للمنطقة المحيطة بالاستاد، فبعد المونديال ستنخفض الطاقة الاستيعابية للاستاد المكون من 40 ألف مقعد إلى النصف، حيث سيتم تفكيك النصف الآخر من المقاعد ومنحها لمشاريع تطوير كرة القدم حول العالم، وسيمكن الاستاد بحجمه الجديد بعد البطولة أهل الريان من المحافظة على طابع الود والألفة الذي عرفت به منطقتهم منذ القدم.
ويقع استاد أحمد بن علي على مقربة من محطة الرفاع في الخط الأخضر بمترو الدوحة، ما يتيح للمشجعين سهولة الانتقال إلى الاستاد خلال المباريات، كما سيسهل طريق دخان السريع آلية التنقل من وإلى الاستاد، كما ستكون هناك حافلات لنقل الجماهير من مواقف مجاورة للإستاد.
وتولت شركات محلية تنفيذ أعمال شكلت أكثر من 50 في المائة من التكلفة الإجمالية للاستاد، إضافة إلى تأمين 15 في المائة من المواد المستخدمة في بناء الاستاد من مصادر معاد تدويرها، كما تضمن أنظمة كفاءة الطاقة استهلاك الاستاد مستوى أقل من الطاقة بنسبة 20 في المائة مقارنة بمنشآت مماثلة، ويستهلك الاستاد مياه أقل بنسبة 20 في المائة بفضل التجهيزات المتطورة، وإعادة استخدام المياه في ري المساحات الخضراء، علاوة على زراعة نباتات متوطنة لا تستهلك الكثير من مياه الري.
ويتميز استاد أحم بن علي عن بقية استادات المونديال كونه الملعب الوحيد الذي تم هدمه بالكامل وإعادة بناءه من جديد، حيث تم الاستفادة من جميع مكونات الهدم، واستخدامها في إعادة البناء وملاعب التدريب للمونديال، حيث تم الانتهاء من إعادة بنائه في الإطار الزمني المخطط له وبالميزانية المحددة.
ويضم الاستاد مرافق رياضية متعددة ستجعله يلعب دورا رائدا في تحقيق هدف تعزيز أساليب الحياة الصحية في البلاد حسب رؤية قطر الوطنية 2030، حيث ستشكل هذه المرافق الإرث الحقيقي بعد نهاية المونديال، والذي سيتفيد منه أهالي منطقة الريان والمناطق المحيطة.
وسيمنح الاستاد زوار مونديال قطر تجربة فريدة عبر التنزه في منشآت الاستاد أثناء المباريات أو بين الشوطين أو حتى قبل المباريات، حيث ستتواجد هذه المنشآت في حرم المبنى وفي المنطقة المحيطة بالاستاد التي تم الاهتمام بها كثيرا في التصميم.
وتتألف واجهة إستاد أحمد بن علي من نقوش لسبعة رموز مختلفة، هي : درع الريان، والنخلة، وزهرة الرمال، والسلسلة، ودوامة الموز، وقلب الجوز، وخاتم العروس النقش الذي يعكس قلب الإستاد، والذي يجمع أفراد العائلة، كما يجسد النظرة الإسلامية والمجتمعية للمرأة بوصفها قلب الأسرة وصاحبة دور أساسي في المجتمع.
أما نقش درع الريان الذي يربط النقوش الستة الأخرى ببعضها في نسيج متناسق، فيمثل قيم الولاء والوحدة والعزيمة، التي تجتمع سويا لتشكل نقشا واحدا، هو نقش الريان بماضيه وحاضره ومستقبله.
فيما يعكس النقشان الثاني والثالث مكونات البيئة القطرية، من النخل الذي يميز واحات الصحراء، إلى زهرة الرمال التي ترمز للنباتات التي تزين مساحات الرمال الشاسعة.
ويظهر طابع قطر الحيوي سريع التطور ورؤيتها الوطنية لأمة مزدهرة في رؤية 2030 عبر النقشين الرابع والخامس السلسلة ودوامة الموز، وهما المستوحيان من التجارة التي ارتكز عليها الاقتصاد القطري لقرون.
أما النقش السادس قلب الجوز فهو رمز مشهور للسوق، ويعكس أسلوب الحياة الصحي الذي تقدمه مرافق الإستاد لسكان الريان.