الفنان مجدي الحسيني لموقع صوت الخليج :
- تميز الفنون في الزمن الجميل هو سر رباني .
- كنت من المفضلين لدى العندليب ، وعلاقته بي كانت السبب بالأزمة التي حصلت بينه وبين فرقته .
- تجربتي مع ( طربيات ) من أجمل التجارب التي خضتها ، ورغم شغفي لم أتوقع لها هذا النجاح الباهر .
- صوت الخليج تجسد معنى التواصل بين الأجيال ، وهو أمر هام في سبيل إعادة أمجاد الأغنية العربية .
- أعشق كل شبر في قطر وذكرياتي فيها تملأ كتباً .
- الشعب القطري من أجمل ما يمكن ، يُقدر الفن ويكرم ضيوفه .
- حلمي أن أوحد القلوب في الفن كما عهدناها في السابق ، وأن تعود أمجاد الموسيقى العربية الخاصة بنا .
اسم تفخر به موسيقانا العربية ، تمكن بإحساسه الرائع وعزفه الفريد من استقطاب عمالقة الزمن الجميل ، أنامله الذهبية سطرت العديد من الروائع العربية ، التي لا زالت عالقة في الأذهان حتى يومنا هذا ، والتي تأخذنا في كل مرة نستمع إليها ، إلى عالم من الجمال والروعة ، يحسب له أنه أحد الذين ساهموا في إضفاء لمسة سحرية للألحان الشرقية الخالدة ، ويكفي أن اسمه اقترن بأهم ما قدمته الفنون العربية من أساطير عابرة للأجيال ، مثل كوكب الشرق أم كلثوم ، والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، ونجم الزمن الجميل فريد الأطرش وغيرهم .
الفنان مجدي الحسيني ، أشهر عازف أورغ في الوطن العربي ، يحط رحاله في حاضنة الفنون الدوحة ، ليسهم في تجربة جديدة مع إذاعة صوت الخليج ، ويجري الحوار التالي لموقعها الإلكتروني .
حاورته : دينا أبو شنب :
1- تميزت في بداياتك بعزفك على الأورغ ولم تكن تتجاوز الخامسة عشرة من عمرك ، وقد كانت آلة جديدة وغريبة في تلك الفترة ، كيف تمكنت من إقناع عمالقة الفن حينها رغم صغر سنك ؟
دخولي كان بمحض الصدفة عن طريق صديقي الفنان عمر خورشيد ، في تلك الفترة كنا نعزف غربي في فرقتَي أوركسترا مختلفتين ، ومن ثم توجهنا إلى مجال الإعلانات بالعزف الشرقي ، وبعد نجاح خورشيد بأغنية ( زي الهوا ) مع الفنان عبد الحليم حافظ التي عزف من خلالها بالجيتار ، ومن ثم أغنية ( دارت الأيام ) للسيدة أم كلثوم ، طلب منه العندليب الأسمر أن يجلب له أحد عازفي الأورغ أثناء تحضيره لفيلم ( أبي فوق الشجرة ) ، وقد كان الأورغ حينها آلة جديدة ، فرشحني خورشيد ، إلا أن العندليب لم يُبد اقتناعاً بالفكرة لصغر سني ، فطلب منه أن يحضرني مع الأورغ ، ومن ثم يقوم بإعطائي مقابلاً مادياً ، ويوكل مهمة العزف لأحد أعضاء الفرقة الموسيقية ، كنت حينها لا أعرف قراءة نوتة ولكنني كنت أعتمد على أذني الموسيقية ، وقد شعر خورشيد بالخجل أمامي ، فطرح علي أن يأخذني معه رفقة الأورغ لأسلم على العندليب ، وافقت على الفور ، ولحسن الحظ وصلت قبل العندليب بحوالي الساعة ، ليرتب القدر ما حدث ، فلو كنت قد وصلت بعده لنفذ ما قال ، وأعطى الأورغ لأحد أعضاء الفرقة ، ولكنه وصل أثناء محاولتي إعادة جملة موسيقية معينة ، فانبهر بأدائي واقتنع بي .
2- تعاملت مع عمالقة الفن العربي في الزمن الجميل ، ما هو سر تميز الفنون في تلك الحقبة الفريدة ؟
كما ذكرتِ هو سر .. وسر رباني لا يشمل الموسيقى فقط ، وإنما كافة أنواع الفنون المختلفة كالسينما والمسرح والغناء وغيره ، كما أن هذا السر الرباني يشمل أيضاً الذائقة الموسيقية والأذن الموسيقية ، يكمن في المتلقي والمرسل على حد سواء ، ولم يكن موجوداً فقط في مصر وإنما في كل أنحاء العالم ، ولكن اليوم كل هذه العناصر اختلفت وتغيرت ولم تعد كالسابق.
3- ما الذي ينقصنا الآن حتى نعيد أمجاد الأغنية العربية كما كانت عليه في السابق ؟
يلزمنا أمران ، الأول أن نعيد شخصية الأغنية العربية التي افتقدناها اليوم باسم التطوير ، هناك الكثير من التقليد الأعمى للغرب له بالغ الأثر السلبي على الأغنية العربية ، وما تمتلكه من مقامات شرقية وجمل لحنية لطالما تميزت بها ، وهنا أذكر موقفاً حدث معي في هذا السياق ، ففي عام 2004 تم اختياري ضمن أعضاء لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان الأوسكار للأغنية التي ترأسها الموسيقار محمد سلطان ، تقدم حينها حوالي ألف متسابق ، لكِ أن تتخيلي أن 99 بالمئة من الأغاني والأعمال التي تقدم بها المتسابقون كانت على مقام واحد هو الكورد ، تساءلت حينها أين مقاماتنا الشرقية ، بالتالي أعتقد أنه لا بد من العودة إلى شخصيتنا التي ميزت الأغنية العربية ومقاماتنا المتنوعة التي برع فيها نجوم الزمن الجميل .
الأمر الثاني ، لا بد أن نعيد التواصل بين الأجيال الذي تلاشى في زمننا الحالي ، اليوم ظهر ما يعرف بالأغنية الشبابية ، التي تقوم على مؤلف وملحن وموسيقيين كلهم من الشباب ، وافتقدنا الدمج ما بين الأجيال في الأعمال الراهنة ، ففي الماضي مثلاً السيدة أم كلثوم كانت تغني لكبار الفنانين كمحمد عبد الوهاب والسنباطي ، كما غنت أيضاً لبليغ حمدي وهو يبلغ من العمر 22 عاماً ، الأمر ذاته حدث مع الفنان عبد الحليم حافظ الذي غنى لمحمد عبد الوهاب ، وتعامل في نفس الوقت مع الصغار في العمر مثلي .
4- تملك رصياً زاخراً من الأعمال الفنية المميزة مع نخبة عمالقة الفن أمثال العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، السيدة أم كلثوم ، الفنان فريد الأطرش وغيرهم ، ما هي أقرب الأعمال التي شاركت بها إلى قلبك ، وما أجمل الذكريات التي ترتبط بها ؟
أغنية ( نبتدي منين الحكاية ) للفنان عبد الحليم حافظ .
5- من هو أكثر فنان استمتعت بالعمل معه من حيث البساطة والمرونة واليسر في أعمالك ؟
استمعت مع كل من تعاملت معهم من فنانين ، ولكن الفنان عبد الحليم حافظ كان أقربهم لي ، وكان بمثابة الشخص المسؤول عني ، وهو الأمر الذي تحدثت عنه بعض الصحف حينها ، كما أن علاقته بي كانت السبب بالأزمة الوحيدة التي حصلت بينه وبين فرقته ، حيث كنت من المفضلين لدى العندليب .
6- ما هي أهم الدروس التي تعلمتها من خلال مسيرتك الفنية واحتكاكك بكبار نجوم الفن العربي ، والتي من الممكن أن تفيد بها كل من يبدأ طريقه في المجال الفني سواءً في العزف أو الغناء ؟
أهم الدروس التي استخلصتها هي أهمية الإخلاص للفن ، وعدم الغرور مهما بلغ الفنان من شأن ، لا شيء في الدنيا ليس له نهاية ، ففي الوقت الذي قد تعتقد أنك وصلت فيه للقمة ، سيأتي من هو أفضل منك ، النجاح صعب ولكن الأمر الأصعب هو الحفاظ عليه .
7- ما رأيك في الأغنية الخليجية ونجوم الغناء الخليجي ؟
الأغنية الخليجية عظيمة جداً ولدي مشاركات مع عدد من الفنانين الخليجيين ، ولكن ما يحزنني اليوم أنها بعد أن كانت متوحدة أصبحت متفرعة ، في الكثير من المشاركات الفنية أصبحت أسمع طلبات لأغنيات قطرية وبحرينية وكويتية .. إلخ ، بعد أن كانت في السابق ( خليجية ) .
8- هل من أسماء فنية معينة تستمع إليها من الجيل الحالي ؟
أستمع إلى الفنانين حسين الجسمي ، محمد عبده ، طلال مداح ، عبد الرب إدريس ، ومن الفنانين العرب يعجبني راغب علامة ، وليد توفيق ، نانسي عجرم وشيرين .
9- كيف تقيم تجربتك مع إذاعة صوت الخليج التي شاركت من خلالها في برنامج ( طربيات ) مع الأستاذ الفاضل عبد السلام جاد الله ؟
تجربتي مع صوت الخليج من أجمل التجارب التي خضتها واكتسبت من خلالها خبرة جديدة ، رغم أنني شاركت مع الكثير من الإذاعات مثل البي بي سي ومونتي كارلو الدولية ، إلا أن تجربتي من خلال برنامج ( طربيات ) مع الأستاذ عبد السلام جاد الله لها طابع خاص ، ورغم أنني كنت شغوفاً جداً بها ، إلا أنني لم أكن أتوقع هذا النجاح الباهر لها ، سعيد جداً بهذه التجربة ، وأشكر الأستاذ محمد المرزوقي المدير العام على إتاحة هذه الفرصة الجميلة لي .
10-ما رأيك بالنهج الذي تنتهجه إذاعة صوت الخليج من اهتمام ودعم للمواهب الفنية من جهة .. ومن استقطاب لنخبة النجوم في العالم العربي من جهة أخرى ؟
هذا هو التجسيد الحقيقي لمعنى التواصل بين الأجيال الذي كنت أحدثك عن أهميته قبل قليل ، لإعادة أمجاد الأغنية العربية ، ما تفعله صوت الخليج من
دمج للأجيال معاً ، يتيح الفرصة أمام الأجيال الجديدة لاكتساب خبرة كبار الفن ، وممكن جداً أن يكتسب الكبار خبرة من الجدد ، هذا هو الإبداع بحد ذاته ، ولولاه لما رأينا في أيام الزمن الجميل الفنان بليغ حمدي بجانب الموسيقار محمد عبد الوهاب ، والفنان محمد الموجي بجانب الموسيقار رياض السنباطي ، وفي النهاية الجمهور هو المستفيد .
11- كيف وجدت استقبال أهل قطر ؟ وما هي أكثر الأماكن التي أعجبتك ؟
أعشق كل شبر في قطر ولدي الكثير من الذكريات الجميلة التي بدأت منذ عام 83 عندما زرتها أول مرة لافتتاح فندق شيراتون الدوحة ، أذكر أنني انبهرت حينها بما رأيت ، حيث كان الفندق هو الوحيد في المنطقة وقد أعجبت بتصميمه الفريد ، وازداد انبهاري عندما علمت بفكرة البحر الذي تم دفنه ، في كل مرة أزور الدوحة أسعد أكثر وذكرياتي فيها تملأ كتباً ، أما الشعب القطري فهو من أجمل ما يمكن ، أملك عدداً من الصحف القطرية القديمة التي كانت كل يوم تُذكر بموعد وصولي إلى الدوحة ، كنت أتساءل حينها ، من أنا حتى أحظى بكل هذا التقدير ؟ لكن هذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل على حسن ضيافة هذا الشعب وتقديره للفن ، أحتفظ بهذه الصحف وأنظر إليها حتى يومنا هذا وكأنها حلم .
لا أنسى أيضاً من ذكرياتي الجميلة مشاركتي بتلفزيون قطر مع الإعلامية القديرة ذهبية جابي في لقاء لا ينسى ، تم تمديده أكثر من مرة رغم وصولنا لموعد انتهاء بث التلفزيون ، ما هذا الشعب الجميل والتقييم الفريد والتقدير وحسن الضيافة ؟ حتى اليوم كل هذه الصفات تزداد بهم جمالاً وحلاوة .